عقد المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج حلقة نقاشية حول "تعزيز مكانة المعلم وتطوير مهنة التدريس"، في يوم 5 أكتوبر 2023م، بمقر المركز بدولة الكويت. ويأتي عقد هذه الحلقة النقاشية في إطار احتفال المركز باليوم العالمي للمعلم، الذي يحتفل به العالم في الخامس من شهر أكتوبر من كل عام، تقديرا للدور المهم للمعلم، واعترافا بالمكانة السامية لمهنة التدريس. ويَعتبر المركز هذه المناسبة فرصة مهمة للتعبير عن الامتنان والاحترام لهذه المهنة الجليلة، وللدور الأساسي الذي يؤديه المعلمون في تشكيل مستقبل الأجيال الجديدة، ووضع الأسس التي تقوم عليها نهضة المجتمع وتقدمه.
وقد استهدفت الحلقة النقاشية إبراز الدور الحاسم الذي يقوم به المعلمون في تطوير التعليم، وإكساب الأجيال الجديدة للمعارف والقيم والمهارات التي تمكنهم من التفاعل مع العالم، وممارسة واجبات المواطنة الصالحة، والإسهام في تحقيق الطموحات الوطنية في التقدم والتنمية والرخاء. كما هدفت الحلقة النقاشية إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها مهنة التدريس، ومناقشة سبل تعزيز المكانة الاجتماعية للمعلمين، وتحسين ظروف عملهم، وتعظيم مساهماتهم في بناء مستقبل الأجيال القادمة.
وقد بلغ عدد المشاركين في الحلقة النقاشية 35 مشاركا، من الأكاديميين والمسؤولين والاختصاصيين التربويين ومديري المدارس والمعلمين من دولة الكويت، ومن بعض الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج، بالإضافي إلى الباحثين التربويين بالمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج. ودار النقاش في الحلقة حول ثلاثة محاور هي: إبراز دور المعلم في تحقيق غايات التعليم والرؤى التنموية الوطنية؛ ومناقشة التحديات والصعوبات التي تواجه المعلمين وسبل مواجهتها؛ وبحث سبل تعزيز المكانة الاجتماعية للمعلمين وتطوير مهنة التدريس.
وبدأت الحلقة النقاشية بكلمة من سعادة الدكتور محمد مطير الشريكة، مدير المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج، رحب فيها بالحاضرين وعبر عن شكره لهم لاستجابتهم الكريمة لدعوة المركز للمشاركة في هذه الحلقة النقاشية، وإسهامهم فيها بخبراتهم وتجاربهم. وقدم سعادة مدير المركز التهنئة للمعلمين في دولة الكويت، وفي جميع الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج، بهذه المناسبة، متمنيا لهم التوفيق والنجاح في مهامهم الجليلة. وأشار إلى اهتمام المركز بالاستماع إلى أراء المعلمين والممارسين التربويين المشاركين في هذه الحلقة النقاشية، انطلاقا من أهمية تعرف آراء الممارسين في الميدان كجزء من أهداف المركز ورسالته التربوية.
ثم ألقى الدكتور أحمد الشايع، عضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، كلمة بدأها بالتعبير عن شكره للمركز على استضافته في هذه الحلقة النقاشية، مقدما التهنئة للمعلمين في عيدهم. وتحدث عن بعض الجوانب ذات الصلة بالمعلمين ومهنة التدريس، وبخاصة ظروف عمل المعلمين والضغوط النفسية التي يتعرضون لها، ومعايير الالتحاق بمهنة التعليم، وضرورة توسيع صلاحيات المعلمين وتعزيز استقلاليتهم في العمل، وزيادة التحفيز المادي والمعنوي لهم، وضرورة تعزيز كفاءة المعلمين من خلال الدورات التدريبية. واختتم كلمته بتسليط الضوء على تجربة المملكة العربية السعودية، وتجارب بعض دول الخليج، في مجال تعزيز المكانة الاجتماعية للمعلمين وتطوير مهنة التدريس.
وألقت الدكتورة انتصار البناء، مستشار الإشراف التربوي في وزارة التربية والتعليم بمملكة البحرين، كلمة عبرت فيها عن شكرها للمركز على إتاحة الفرصة لها للمشاركة في هذه الحلقة النقاشية، وأشادت بالجهود التي يبذلها المركز في الفترة الأخيرة وبخاصة تنظيم هذه الحلقة النقاشية المهمة. وتطرقت إلى بعض التحديات التي تواجه مهنة التدريس، وشددت على أهمية تطوير معايير الالتحاق بهذه المهنة، وجعلها مهنة جاذبة من خلال الارتقاء بالمكانة الاجتماعية للمعلمين. وأشارت إلى أن أداء المعلمين يرتبط بطبيعة النظام التعليمي الذي يعملون في إطاره، وبالظروف والقواعد التي تحكم عملهم. كما أكدت أهمية تعزيز استقلالية المعلمين، وتفعيل دور الجمعيات والنقابات التي تمثلهم، وزيادة إسهامها في معالجة المشكلات التي تواجه المعلمين، وتعزيز مكانتهم.
ثم ألقى الدكتور إبراهيم الحوطي، الأستاذ في كلية التربية بجامعة الكويت، كلمة بدأها بتوجيه التحية والتقدير للمعلمين في جميع دول العالم، مؤكدا أهمية دور المعلم بوصفه العنصر الأهم في المنظومة التعليمية. وأشار إلى أن دور المعلم لا يرتبط فقط بالتعليم، وإنما بتحقيق الرؤى التنموية الوطنية على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وسلط الضوء على بعض التجارب الدولية في تمهين التعليم، وبخاصة تجربة سنغافورة وفنلندا وإنجلترا، مؤكدا الكفاءة العالية للمعلمين في دول الخليج وقدرتهم على تحقيق ما يُطلب منهم من إصلاحات، بشرط تمكينهم وتعزيز استقلاليتهم وتوضيح الأدوار المطلوبة منهم. وشدد على أهمية النظر إلى التعليم على أنه مهنة، وليس مجرد وظيفة، مما يستدعي ضرورة وضع معايير واضحة لمهنة التعليم، وشروط الالتحاق بها، وتحديد الوصف الوظيفي للمعلم ومسؤولياته وحقوقه الوظيفية بدقة.
وبعد ذلك، دار نقاش مفتوح حول محاور الحلقة النقاشية، شارك فيه الحاضرون من معلمين وموجهين ومديري مدارس. وعبر الجميع في هذا الحوار عن سعادتهم بعقد مثل هذه الفعاليات التي تنقل أصوات المعلمين وغيرهم من الممارسين التربويين في الميدان، موجهين الشكر للمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج على إتاحة هذه الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم، ومناقشة التحديات التي تواجههم، وتقديم المقترحات ذات الصلة بتطوير التعليم، وتعزيز مكانة المعلمين، والارتقاء بمهنة التدريس.
وأجمعت آراء المشاركين على أهمية توسيع فرص التدريب والتنمية المهنية المستمرة للمعلمين، مع ضرورة ربط فرص التنمية المهنية باحتياجات المعلمين. كما شدد المشاركون على ضرورة تحسين مكانة المعلمين، وزيادة الحوافز المادية والمعنوية التي تقدم لهم، مع ربط التحفيز المادي بأداء المعلمين وعطائهم. ومن النقاط التي حظيت بإجماع آراء جميع المشاركين ضرورة تعزيز استقلالية المعلمين، ومنحهم فرصة أكبر للابتكار والمبادرة، وإشراكهم في وضع برامج الإصلاح التربوي، وخطط تطوير المناهج، وجعلهم جزءا أساسيا من آلية صنع القرار التربوي بشكل عام. وعبر المشاركون أيضا عن أملهم في تحسين ظروف عمل المعلمين، وتخفيف الأعباء الإدارية التي تثقل كاهلهم، وإعادة النظرة في آليات تقييمهم، وترقيهم في السلم الوظيفي، وغير ذلك من الأمور المرتبطة بأوضاعهم المهنية، مع ضرورة تفعيل دور النقابات والجمعيات المهنية التي تمثل المعلمين وتعبر عن مواقفهم.
وفي ختام الحلقة النقاشية، عبر الدكتور محمد الشريكة، مدير المركز، عن خالص شكره وتقديره لجميع المشاركين، وأثنى على ما طرحوه من أفكار ومقترحات ثرية فيما يتعلق بتعزيز أدوار المعلمين، ومعالجة التحديات التي تواجههم، وسبل تنمية كفاءتهم، وتعزيز مكانتهم المهنية. وأكد حرص المركز على الاستفادة مما قدم في هذه الحلقة النقاشية من أفكار ثرية، ومقترحات عملية، في توجيه البحث التربوي نحو معالجة قضايا الواقع التعليمي، وبخاصة القضايا ذات الصلة بتطوير كفاءة المعلمين، وتعزيز مكانتهم المهنية.